الضمير يتحدث

فى غرفة واحدة 2 متر فى 2 متر ضيقة لتتضيق الخناق على الضمير لكى لايراوغ صاحبه به كثيرا حيطانها متشحة بالسواد حزينة على ماتسمعه من قصص ومأسى كل يوم وترتسم عليها خطوط صفراء بلون الضحكات التى يطلقها كل ظالم نجى من فخ العقوبة بثغرات القانون المشوهة وبلاطها مرقع بالسواد من طفيات السجائرمن مايعفرها لينفخ همه فيها بدل من ان يطق , وجدت نفسى مع دكتورة تدعى وفاء وجهها شاحب عيناها محمرة خديها حفرت فيه الدموع مجرى تبكى وتلطم وجهها بسرعة الف لطمة فى الدقيقة وتندب حظها وتترحم على طفلها ايمن الذى قمت انا بخطفه وبيعه للسمسار كما اعتدت منذ ان ضاق بى الحال ولم اجد جنيها واحدا لأكل العيش الحاف حتى , واعترفت تفصيلا بالواقعة فى نفس الغرفة ايضا ...... هى غرفة وكيل النيابة
لم يقبض على احد ولكن فاق ضميرى فجأة بعد ماندمت على جريمتى البشعة ومنظر الطفل لايفارق مخيلتى ابدا يصرخ ويبكى ويترجى ان نتركه يرجع لامه ولكننا ...... بلاضمير
لم يكن احد يستطيع التعرف على لانى كنت منتقبة وليس لى معالم يتعرف عليها حد لكنه ضميرى فقط الذى ظل متألم لمنظر الطفل وقلبى المحروق عليه فى تلك اللحظة التى يغيب فيها عقلى كل مرة سعيا وراء المال . وخطفته من امه حينما كانت تشترى له بعض الحلوى من المول لكى ترى السعادة فى عينه دون ان تدرى انها سوف لاتراه مجددا اصلا وسلمته لسمسار الاعضاء البشرية الذى كل مرة اراه فيها اتذكر تمثال ابو الهول العتيق بلا قلب ينبض , بلا مشاعر , بلا احساس بلا اى شعور يذكر الا نشوة المال التى حين رأه يلهث ويسيل لعابه عليه .. لكى يخلع منه كبده الصغير الذى فى حجم كفه الرقيق وينتشل عينتاه من جمجمته اللينة لكى يبيعها هو ويقبض ثمنها وبعد ذلك يرميه فى اقرب مقلب زبالة اجوف المعدة , خاوى الجمجمة ... فكل ماله ثمن لدى تلك الملاك البرىء , ذلك المجرم انتشله منه ورماه بعد ذلك عبارة عن سلوبيت ابيض رقيق البسته له امه اصبح ملطخ بالدماء من كل جوانبه .... منظر لااستطيع نسيانه ولا يفارقنى ليلا او نهارا يعذبنى كثيرا وكلما رائيت امه منهارة امامى وتذكرت كلماته التى ترن فى اذنى حتى الان , ولكنى فى النهاية اسكن ضميرى بجوع بطنى واتظاهر بالنسيان من اجل البقاء شبه انسانة
 لذلك انا قررت الاعتراف بجريمتى لكى يغفر الله لى ذنبى او عدالة السماء تنفذ جزء منها الان على الارض فااكيد ستكون اخف من فوق 
 ولكن ماذا يفيد الان كل ندمى هذا امام الام المنهارة المسكينة هذه التى من الممكن ان يكون هذا ابنها الوحيد او جاءها الى الحياة لينير حياتها بعد طول انتظار ظل لسنوات طويلة 
فلا اعتقد انها ستسامحنى ولا اسامح نفسى انا ابدا .
ولكن للاسف ماكان يتحدث معكم هو ضميرى فقط الذى دائما استطيع اسكاته بمسكنات كثيرة وحجج واهية نلفقها لنا لكى نستطيع الحياة , اما انا فلا احد يعرفنى الى الان حتى السمسار الشريك الاخر يتعامل معى من خلف النقاب نخطف الاطفال ونتقاسم اتمان اعضائهم معا ولا نعلم الى اين مصيرنا سيقودنا !!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطفاسة

الفتور الروحى

يوسف الصديق