الصداقة الحقيقية

اكتشفت اخيرا ان كل انسان مننا يجب عليه ان يكون له عمل اجتماعى تجاه الاخرين او حتى بمفهوم اوسع تجاه بلده ووفقا لهذا الوعى الناضج الذى جاءنى على غير العادة فقررت زيارة المرضى والمسنين فى الدور المخصصة لذلك لكى اواسيهم واجالسهم نتحدث ونتسامر معا لكى لايشعروا بالوحدة هناك وطبعا انا ايضا كنت اتعلم من خبرتهم وتجاربهم فى الحياة الكثير والكثير التى تكون فى اغلبها تحمل المأسى والطابع الحزين
الى ان لفت نظرى فى احد زياراتى لدار مسنيين كان منقطع عن العمار بمسافة لابأس بها تصعب على الزوار مهمتهم فى الزيارة التى هى اصلا ثقيلة بدون شىء
جلست فى غرفة مزدحمة بالاشخاص يزورون كهل تخطى السبعين من عمره ولكن وجهه بشوش والمرح يقفز من عينيه ومن من حوله ايضا اصدقاء كثيرة له منهم من يعلمه كيف يتعامل مع اختراع المحمول ومنهم من ينزل له قنوات المصارعة على الدش لكى يتسلى بها وتأنس وحدته فى غيابهم واخر منهمك فى صنع قهوة تركى يحاول صنعها بوش لكنه لم ينجح حتى الان فيها والباقون يسامرونه ويتذكرون معا ذكرياتهم فى الطفولة من هروب من المدرسة ومعاكسة بنت الجيران وغيرها الكثير الذى كلما تذكروه قهقهوا جميعا من قلوبهم
منظر جميل فعلا ... لم اكن اتخيل انى سأكون سعيد لهذه الدرجة برؤية ذلك المشهد ولا استطيع وصف ما فيه من جمال الا اننى حاولت ان اوصف لكم بعض مالفت نظرى واستطعت التعبير عنه فقط
ورغم ارتباطى بمواعيد اون لاين على النت مع اصدقائى الا اننى اصريت ان اجلس تلك الجلسة الى اخرها الا انهم وجدوا لى دور مناسب استطيع القيام به وهو انزال الصور والرنات الحديثة على تليفوناتهم " عمل ممل بالنسبة لى فعلا ولكنه متماشى مع روح الجماعة " 
ونظرا لظروفهم الصحية وسنهم انصرفوا جميعا وانا خلفهم
وصراحةّ كانت السعادة على وجهى مرسومة بوضوح وبصدق غير السعادة والابتسامات المزيفة التى يرسمها معظم من يزور هذه الدور فى العادة
وخرجت لاركب اول ميكروباص وجدته امامى وجلست فى مقعده الخلفى بجوار الشباك حتى اسرح فى الطريق واقتل الوقت
وفى هذه المرة سرحت عما رأيته اليوم من اصدقاءه وكل هذا الحب الذى اراه منهم وكيف هما حافظوا عليها طيلة هذه السين التى تخطت النصف قرن , والذى نحن لن نتخيل بااستمرار اصدقاؤنا معنا اكثر من 10 او 15 عاما بالكثير 
وهل نحن الان لنا اصدقاء حقيقيون مثل هؤلاء ام كل رصيدنا من الاصدقاء هم على الفيس بوك وتويتر والموبايل فقط ؟!
وهل لو مرت بى الايام وتبدلت بى الاماكن وذهبت انا لهذا الدور هل اجد اصدقاء كهولاء ؟
لا اعرف الاجابة او بمعنى ادق لا اريد المواجهة بهذا السؤال لأن يالتأكيد ستكون اجابة غير مرضية , ولكننى قررت قطع الشك باليقين ومواجهة نفسى وغلق حساباتى على مواقع التواصل الاجتماعى ومحمولى وانتظرت من يترك بابى للأطمئنان علىّ 
انتظرت .... وانتظرت ....... وانتظرت
وها انا الان اكتب هذا الموضوع بعدما مللت من الانتظار
" فالصداقة كنز لايفنى والاصدقاء هم الورود التى تزيين حياتنا فلا تتجاهل اصدقائك ولا تدعهم يتجاهلوك واجعل لنفسك رصيد حب ومواقف حقيقية معهم وليس عن طريق وسائل الاتصال السهلة فقط .... لتعرف جيدا من هو صديقك ومن هو مايريد التحدث لأضاعة الوقت  "

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الطفاسة

الفتور الروحى

من مصر دعوت ابنى